"صاحب المقام" فيلم يجعلك تغوص في عالم الروحانيات
يدور فيلم 'صاحب المقام' حول فكرة التشفع بأولياء الله الصالحين، مما أثار جدلًا واسعًا واختلافًا في الآراء حول كاتب الفيلم وتوجهاته الدينية. يقدم الفيلم معلومات تثير الكثير من التساؤلات لدى المشاهد حول الأضرحة وبركات الأولياء. اتفق البعض مع روحانيات الفيلم، بينما اختلف آخرون. إذا كنت ترغب في تكوين رأيك الشخصي، فلا تفوت فرصة مشاهدته لتحديد وجهة نظرك.
تجربتي الشخصية مع الفيلم
جذبني برومو الفيلم منذ اللحظة الأولى لعرضه، خاصةً لأنه يجمع بين مجموعة من نجومي المفضلين، وعلى رأسهم آسر ياسين، يسرا، وأمينة خليل. قررت مشاهدة الفيلم فورًا وتحفزت للقصة لأنها المرة الأولى منذ زمن بعيد التي تناقش فيها السينما المصرية قضايا تتعلق بالمقامات وأولياء الله الصالحين. زاد حماسي لمعرفة ما إذا كان الفيلم سيجعلني أميل لزيارة المقامات أم لا، وهل سيشجع الفكرة أم يرفضها؟ حيث تتعدد الآراء حول هذا الموضوع؛ فهناك من يرفضها تمامًا ويعتبرها "بدعة"، وهناك من يرى أنها تجربة روحانية تؤثر على الحالة النفسية للزائر. فضولي كان يدفعني لمعرفة أي وجهة سيتبناها أبطال العمل.
فاجأني الفيلم بشكل كبير، فلم أكن أتوقع أن آسر ياسين ويسرا، المعروفين بأفكارهم المتحررة، سيقبلان المشاركة في فيلم يحمل هذا القدر من الروحانيات.
أثناء مشاهدتي، شعرت برغبة في زيارة الأضرحة والدعاء لله هناك، ومع كل مشكلة يحلها آسر ياسين في الفيلم، كنت أشعر أن الله يستجيب لدعاء عباده، وأن الخير موجود رغم صعوبات الحياة.
أكثر مشهد أثر فيّ كان مشهد محمود عبدالمغني، خاصة عندما قال: 'أنا يا رب، أنت سمعتني أنا'، في اللحظة التي جاء فيها آسر ياسين لمساعدته في علاج ابنته، بعد أن كتب للإمام الشافعي دعاءً يدعو فيه الله أن يشفيها. لقد بكيت خلال هذا المشهد.
لا يمكنني إنكار التأثير الكبير الذي يتركه الفيلم على كل من يشاهده، فقد أثر في نفسي ومنحني شعورًا قويًا بأن الله قريب من عباده. ومع ذلك، لم يعجبني أن الفيلم قدّم فكرة الخطابات التي يرسلها زوار المقامات وكأنها السبيل الوحيد للنجاة وشفاء زوجته، حيث بدا وكأنه يقايض الله لتحقيق رغبات البشر. الله لا يحتاج إلى وسيط، فهو يمنح ما يشاء لمن يشاء.
لم تعجبني الشخصية التي جسدتها يسرا، حيث بدت وكأنها تريد إيصال رسالة مفادها أن حياة الإنسان تعتمد بالكامل على المقام، وهو ما أراه غير صحيح ويعكس أفكارًا مغلوطة عن الدين والسعي.
ما أعجبني هو دور أمينة خليل وخداعها لزوجها، إذ أكدت بموقفها أن الله شفاها حين أراد، وأن شفائها لم يكن مرتبطًا بالمقام كما اعتقد زوجها، بل تعافت قبل أن ينتهي زوجها من مهامه
الإعلان الرسمي لفيلم صاحب المقام
المصدر: https://www.youtube.com/@ShahidVOD
آراء المشاهدين على مواقع التواصل
واجه الفيلم انتقادات عديدة مع بداية عرضه على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث وصفه البعض بأنه 'يدس السم في العسل'، واتهموا آسر ياسين بمحاولة محاربة الدين. اعتبر البعض أن الفيلم مؤامرة ضد الدين، محاولًا إيصال فكرة أن الأولياء هم من يحققون الدعاء. ومع ذلك، إذا دققنا في رسائل الفيلم الحقيقية، نجد أن الكاتب أظهر شفاء الزوجة بأمر الله فقط، دون أن يعتمد على إنهاء أعمال الخير.
أشاد الجمهور بأداء الفنان محمود عبدالمغنى فى الفيلم وعلقوا على مشهده المميز على "فيسبوك" وقالت إحدى المعجبات "كل مره بشوفه جسمي بيقشعر و بدمع والله مفيش اجمل من انك تحس ان ربنا سامعك و معاك مهما كنت وحش أو متستاهلش مفيش ارحم منه"، وتابع المشاهدين التعليقات بأنه مشهد عبقرى وأداء الأبطال متميز وقال آخر "مشهد تقشر له الابدان ممثل اكثر من رائع".
بعد أن شاهدنا "ولاد رزق 3"
لهذه الأسباب ننصحك بمشاهدته
- مشاعر متضاربة تجاه أبطال العمل
- بيومي فؤاد وإيمان السيد أضافوا لمحة كوميدية للفيلم
- موسيقى خالد الكمار وصوت وائل الفشني تجعلك جزء من الأحداث
- مصر القديمة بعيون ماندو
- مشهد تاريخي لمحمود عبد المغنى
مشاعر متضاربة تجاه أبطال العمل
قدم أبطال الفيلم شخصيات متنوعة، حتى أن كل شخصية شهدت تحولات ملحوظة على مدار الأحداث. على سبيل المثال، رغم أن شخصية يسرا ليست البطلة الرئيسية، إلا أنك ستحتار في الحكم عليها: هل هي 'روح' حقيقية أم متخيلة؟ خصوصًا مع تكرار ظهورها للبطل في كل مكان يذهب إليه لحل مشكلاته. ومع ذلك، فإن حضور النجمة الكبيرة أضاف قوة للفيلم، مما يؤكد أن خبرة الممثل الحقيقية تظهر في اختياراته، وليس في حجم الدور. أحيانًا تشعر أنها تشكل ضغطًا على البطل، وفي أحيان أخرى تستمتع بظهورها.
أجاد آسر ياسين تجسيد دور 'يحيى' رجل الأعمال ببراعة. منذ بداية الفيلم، لا يمكنك الشك في أنه صاحب الشركات الذي يهتم بعمله أكثر من أي شيء آخر في الحياة. تتطور أحداث الفيلم بدءًا من قرار هدم ضريح أو مقام مبني في الصحراء لبناء كمبوند، ثم تتوالى الخسائر على الشركة في البورصة، حتى يصل الفيلم إلى الحدث الأهم والمحوري، وهو دخول زوجته في غيبوبة. هنا، تتحول شخصية يحيى تمامًا من شخص غير مهتم إلى إنسان منكسر وضعيف، تظهر على وجهه ملامح الحزن والشحوب. ثم يُطلب من يحيى استرضاء أصحاب الأضرحة لكي تُشفى زوجته، مما يضع المشاهد في حيرة: هل يتعاطف مع يحيى أم يتهمه بالإهمال تجاه زوجته؟
على الرغم من أن الفنانة أمينة خليل لم تُمنح مساحة كافية للحكم الكامل على قدراتها كممثلة متطورة، إلا أنها قدمت شخصية مؤثرة في العمل. تدور الأحداث حول شخصيتها، مما يثير تساؤلات المشاهد حول مدى تعاطفه مع مرضها وعدم اهتمام زوجها بها. هل سيسامحها المشاهد على كذبتها الكبيرة على زوجها، حيث ادّعت أنها استفاقت من غيبوبتها بينما استمرت في خداعه لمساعدته على التغيير، أم سيرفض موقفها بالكامل؟
بيومي فؤاد وإيمان السيد أضافوا لمحة كوميدية للفيلم
جسد بيومي فؤاد في الفيلم شخصيتين توأم، مما سمح له بعكس تناقض النفس البشرية بمهارة. كان مصدرًا للضحك في الفيلم وأضاف لمحة كوميدية بأدائه الرائع. أما الكوميدية إيمان السيد، فكما هو معتاد، لا يمكن إيقاف الضحك في مشاهدها، رغم ظهورها الخاطف. شكلت دويتو خفيفًا مع الفنان محمد ثروت، مما أضاف للفيلم لمسة ممتعة.
موسيقى خالد الكمار وصوت وائل الفشني تجعلك جزء من الأحداث
قدّم خالد الكمار موسيقى رائعة تناسبت بشكل مثالي مع أحداث الفيلم، حيث كانت موسيقى تلمس القلب والوجدان دون الاعتماد على الموسيقى الصوفية الشهيرة. بدت الموسيقى وكأنها البطل الخفي الذي يجذب المشاهد بهدوء وبدون صخب، وكأنها دعوة للبحث عن مبدعها لتميزها. أضاف صوت وائل الفشني للفيلم لمسة روحانية، حيث استطاع بنبرة صوته المميزة، وخاصة في الإنشاد، أن ينقل مشاعر المشاهد إلى داخل الفيلم، مما جعلك جزءًا من القصة، تتأثر بحياة الأبطال الصعبة وتعيش معهم لحظات الحزن والفرح.
مصر القديمة بعيون ماندو
تم تصوير أغلب مشاهد الفيلم في المساجد والكنائس والشوارع التراثية في مصر، مما جعل مشاهد الأضرحة رائعة الجمال، وزادت من رغبة المشاهد في زيارتها لما تحمله من روحانيات. كما أن اختيار مساكن الشخصيات داخل الحواري الضيقة كان دقيقًا، مما يعكس المعاناة التي تمر بها كل قصة في الفيلم. مشاهد الأسطح وقباب المساجد أضافت روح مصر القديمة، التي تمتلئ بالمشاعر تجاه التراث الإسلامي والفاطمي الرائع.
أما كادرات مدير التصوير سامح سليم، ومهندس الديكور رامي دراج، والمونتيرة رانيا المنتصر بالله، فقد كانت مميزة للغاية، حيث جسدت التداخل بين الطبقات الاجتماعية المختلفة دون أي شعور بالتكرار أو الاستسهال.
مشهد تاريخي لمحمود عبد المغنى
أبدع الفنان محمود عبدالمغني في مشهد اكتشافه أن جوابه للإمام الشافعي قد قاد أحد الأشخاص لمساعدته. كان هذا المشهد من أبرز نجاحات الفنان، حيث خاطب 'الله' من خلال الشرفة وهو ينظر إلى السماء، وقال جملة عظيمة ستظل محفورة في الذاكرة. كما كان الظهور الأخير للراحل إبراهيم نصر بمثابة مشهد وداع رفيع المستوى بينه وبين الجمهور.
اقتراحات أفلام مشابهة كان لها نفس التأثير علينا
هناك أفلام كتبها المؤلف إبراهيم عيسى تتناول أفكارًا تمس الدين أيضًا، مثل فيلم 'الملحد' الذي أثار جدلاً كبيرًا مشابهًا لما حدث مع فيلم 'صاحب المقام'. فقد كان له تأثير كبير على الرأي العام عند عرضه.